قالت إحدى أكبر الصحف الأميركية إن الرئيس المصري المنتخب محمد
مرسي يمكن أن يصبح حليفا للولايات المتحدة على الرغم من أنه من منتقديها
في الوقت الحالي.
وفي تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست الواسعة الانتشار اليوم الثلاثاء،
ذكرت أن مرسي قد يبدو للوهلة الأولى أشبه بكابوس حلَّ بالمصالح الأميركية
في المنطقة لأنه تحدث من قبل منتقدا السياسة الأميركية في الشرق الأوسط،
وواصفا الإسرائيليين بالمغتصبين ومعربا عن شكوكه من أن إرهابيين كانوا
وراء هجمات الحادي عشر من سبتمبر.
ومع ذلك فإن المسؤولين والمحللين الأميركيين أعربوا عن تفاؤل حذر بأن
واشنطن يمكنها أن تقيم علاقة عمل راسخة مع مرسي الذي تصفه بأنه سياسي
مخضرم من جماعة الإخوان المسلمين.
ولعل هذا التفاؤل بشأن مستقبل علاقة مصر مع الولايات المتحدة ليس قاصرا
على المسؤولين الأميركيين إذ يشاطرهم ذلك الشعور مرسي نفسه ومعاونوه، ورغم
ذلك فثمة محاذير تشوب ذلك التفاؤل على حد تعبير الصحيفة.
فذلك الرجاء في حسن العلاقة قائم على المنفعة المشتركة، ومن المرجح ألا
تحظى الاعتراضات الفكرية على السياسة الأميركية بأهمية كبيرة على الأقل في
المستقبل القريب وذلك لأن مرسي بحاجة لكي تستقر الأوضاع في مصر ويتعافى
اقتصادها المتعثر وكلا الأمرين يتطلبان عونا من الولايات المتحدة كما يرى
محللون.
يقول شادي حامد -الخبير المصري بمركز بروكينغز الدوحة، الذي التقى مرسي
وعددا من قادة الإخوان المسلمين في الأشهر القليلة الماضية- إن الولايات
المتحدة سيكون لها نفوذ على الإخوان المسلمين لأن الجماعة بحاجة إلى
الولايات المتحدة وأوروبا لتعيناها على تحقيق انتعاش اقتصادي طويل الأجل
لمصر.
فالإخوان المسلمون -هكذا يضيف حامد- سيكونون بحاجة لمليارات الدولارات
في شكل قروض واستثمارات إذا كانوا يريدون إحداث نقلة لاقتصادهم.
ونسبت الصحيفة إلى المتحدث باسم مرسي ومستشاره جهاد حداد القول إن
الرئيس المنتخب الحاصل على درجة الدكتوراه من جامعة ساذرن كاليفورنيا في
سبعينيات القرن الماضي، شرع بالفعل في بناء علاقة "سليمة" مع المسؤولين
الأميركيين.
وأضاف حداد "نتوقع بل سنعمل من أجل إرساء علاقة إستراتيجية راسخة" مع
واشنطن، قائلا في مقابلة أجريت معه الاثنين الماضي إن من شأن مثل تلك
العلاقة أن "تعين على جسر الهوة في نظرة شعبي البلدين كل للآخر".
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]" يأمل المسؤولون الأميركيون في استخدام مئات الملايين من الدولارات من أموال المعونة الأميركية المخصصة لمصر كوسيلة لتعزيز نفوذهم وبناء الثقة مع إدارة مرسي عن طريق استشراف مصالح مشتركة " |
وكان هذا هو الإحساس نفسه لدى المتحدثة باسم الخارجية الأميركية
فيكتوريا نولاند حين قالت للصحفيين الاثنين الماضي "إننا نتطلع للتعاون مع
الحكومة (المصرية) بشأن القضايا التي تتطلب مواجهتها".
غير أن ثمة شكوكا لا تزال تحوم حول مدى وثوق الولايات المتحدة بمرسي
كحليف لها على المدى الطويل. هكذا تساءلت واشنطن بوست في تقريرها قبل أن
تستطرد قائلة إن المهم هو مدى الصلاحيات التي سيتمتع بها مرسي بعد أن حجب
المجلس العسكري الحاكم مؤخرا بعضها عنه، وإلى أي درجة سيدين بالفضل لقادة
الإخوان المسلمين؟ "السريين".
يقول محمد حبيب -النائب الأول السابق للمرشد العام الإخوان المسلمين
الذي انفصل عن الجماعة- إن مرسي ربما سيسعى لبناء علاقة الند مع واشنطن.
ويضيف في هذا الصدد أن "القرارات المصرية لن تترك للإدارة الأميركية
لاتخاذها كما كان يفعل الرئيس المخلوع في السابق" في إشارة إلى حسني مبارك.
ويأمل المسؤولون الأميركيون -كما تورد الصحيفة- في استخدام مئات
الملايين من الدولارات من أموال المعونة الأميركية المخصصة لمصر كوسيلة
لتعزيز نفوذهم وبناء الثقة مع إدارة مرسي عن طريق استشراف مصالح مشتركة.
ويُنظر إلى تلك المساعي على أنها ضرورية لحماية معاهدة السلام المبرمة
بين مصر وإسرائيل. وأعادت الصحيفة إلى الأذهان ما ذكره محمد مرسي في
مقابلة أجرتها معه في 11 فبراير/شباط من العام الماضي عندما كان رئيسا
لحزب الحرية والعدالة، والتي قال فيها إن إبطال تلك المعاهدة ليس من
أولوياته.
لكنه عاد ووصف الوضع الراهن للصراع الفلسطيني الإسرائيلي بأنه غير مقبول.
ويؤكد حداد -المتحدث باسم مرسي- أن حزبه لن يفسخ تلك المعاهدة، لكن
التغييرات في سياسة الدولة إزاء إسرائيل ستكون "سريعة جدا" وهامة، مضيفا
أن تلك التعديلات ستشمل مزيدا من الدعم الصريح لقيام دولة فلسطينية، ورفع
الحصار المفروض على مرور السلع عبر معبر رفح إلى قطاع غزة.
ومن بين القضايا التي يتوقع أن يثيرها المسؤولون الأميركيون سريعا في
محادثاتهم مع مرسي، مستقبل منظمات المجتمع المدني وغيرها من الجمعيات
المناصرة للديمقراطية.
ومن المسائل الأخرى التي تؤرق صناع السياسة الأميركيين هي إلى أي مدى
سيسعى مرسي إلى تغيير عادات وأعراف المجتمع المصري لتتوافق مع مبادئ
الإخوان المسلمين المحافظة؟
ولفتت الصحيفة الانتباه إلى أن مرسي قال في المقابلة العام الماضي إن
توجيه مصر نحو مسار أشد تدينا أبعد ما يكون عن أولوياته، مشيرا إلى أن
حزبه ينزع نحو تبني سياسة "عش ودع الآخرين يعيشون".
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]