يحتاج
مريض السكري في رمضان إلى التوازن في طريقة تناوله للطعام وهذا لا يعني الحرمان من بعض المأكولات، بل
التحكم بداء السكر، فهو يعتمد على اتزان العلاقة بين الأنسولين ونسبة السكر في الجسم (سكر الدم).
على مريض السكري معرفة كيفية التعامل مع هذا المرض لضمان ثبات معدل سكر
الدم، فالإنخفاض شأنه شأن الإرتفاع، فكلاهما يضران بالصحة، وبالإضافة إلى
دور العقاقير العلاجية..
وحول موضوع تغذية المرضى المصابين بالسكر، بيّنت مريم الحمد، أخصائية
التغذية العلاجية من وحدة مرض السكري أن سماح الطبيب بصيام المريض يعتمد
على حالته الصحية الخاصة وقراءاته لعدة أشهرٍ لتبين استقرار حالته.
فإذا سمح لمصاب السكر بالصيام، فيجب عليه الحذر وتجنب عدة أمورٍ من أهمها
عدم إهمال أخذ العلاج بحسب خطته، أو إهمال قياس نسبة سكر الدم عدة مراتٍ
خلال اليوم.
وللعلم، فإن
إبرة الإنسولين لا تعد حقنة مفطرةً، لذا لا بد من تناولها في الأوقات التي يحددها المعالج، وقبل وجبة الإفطار والسحور بربع ساعةٍ.
أغذية مختلفة .. وحول تأثير الأنواع المختلفة من الأغذية على نسبة سكر الدم، أوضحت الحمد أن هناك نوعان من الأغذية:
-
أغذيةٌ تحتوي على سكرياتٍ
سريعة الإمتصاص والهضم، وعليه فهي تسبب ارتفاعاً سريعاً ومفاجئاً في مستوى سكر الدم بعد تناولها
مباشرةً، بيد أن تأثيرها قصير المدى وتشمل أنواع الحلويات عموماً والعصائر.
- وهناك
أغذيةٌ تحتوي على سكرياتٍ
بطيئة الهضم والإمتصاص، فتسبب ارتفاع سكر الجسم بشكلٍ تدريجيٍ وبطيء ويستمر مفعولها لفترةٍ طويلةٍ.
وتشمل تلك مجموعة البروتينات (كالبيض واللحوم)، ومجموعة البقول كالعدس
والحمص والفول، ومنتجات الحليب، والأغذية التي تحتوي على أليافٍ (كالخضار
والفواكه والخبز الأسمر والقمح والشوفان)، ومن هنا جاء تفضيل تناول الفاكهة
الطازجة مقارنةً بعصائرها نتيجةً لخلو العصير من الألياف.
ويفضل أن تحتوي وجبة إفطار مريض السكري على أغذيةٍ متنوعةٍ تضمن الجمع بين
تلك السريعة والأخرى البطيئة التأثير على السكر، حتى تعمل على رفع سكر
الدم بشكلٍ سريعٍ بعدما انخفض أثناء الصيام، بالإضافة إلى استمرار ثباته
لمدةٍ من الزمن.
أما بالنسبة
للسحور فالوضع يختلف، إذ يجب تناول الأغذية البطيئة التأثير التي توفرالسكريات للجسم بشكلٍ تدريجيٍّ ولمدةٍ طويلةٍ تمتد لساعاتٍ.
ومن أهمها تلك الغنية بالألياف مثل الخضار والفاكهة والبقول (عدس، فول، حمص) والخبز الأسمر
الكمّ أهم من النوع .. لا يغفل عنا التنبيه الى عدم وجود ما هو ممنوعٌ على مريض السكر، فأهم
عاملٍ هو الكمية، فيمكن للمريض تناول ما يريده، لكن مع حساب ما يحتويه
الغذاء من سكرياتٍ وتقنين للكمية.
كما يراعى عدم تناول كميةٍ كبيرةٍ من الطعام في الوجبة الواحدة (سواء في
الإفطار أو السحور)، بل يفضل تناول عدة وجباتٍ صغيرةٍ وخفيفة تتخللها فترات
راحةٍ، لضمان عدم حصول تلبكٍ معويٍّ أو صعودٍ مفاجئٍ وكبيرٍ في سكر الدم،
على أن يتم تناول وجبة السحور في وقتٍ متأخرٍ.
والمشكلة أن بعض الصائمين يستعجلون في تناول جميع أنواع الأطعمة دفعةً واحدةً، بما يسبب مشاكل صحيةً ومعويةً وبخاصةٍ لمريض السكر.
نوع الغذاء .. من المهم التنويه بتفادي الشوربة المصنعة من البودرة أو العلب، أو التي
تضاف لها الكريمة لغناها بالمواد الحافظة الكيميائية والأملاح.
فالشوربة الصحية المغذية هي تلك المصنوعة من مكوناتٍ طازجةٍ كالبقوليات
(مثل العدس) أو الخضار (مثل الجزر والبروكلي) وذلك بغليها ثم إضافة
البهارات والليمون والفلفل والحليب عوضاً عن الكريمة، لتشكل بذلك طبقاً
خفيفاً وغنياً بالقيمة الغذائية ومنخفض الأملاح وبلا كيميائياتٍ حافظةٍ أو
ملونة.
وتحتوي الأطعمة المحفوظة بالتجميد على عناصر غذائيةً أكثر من تلك المخزنة في المعلبات.
كما أن المعلبات تحتوي على كمية أملاحٍ وكيميائياتٍ كبيرةٍ، لذا ينصح باستخدام الخضروات الطازجة والمجمدة بدلًا من تلك المعلبة.
أما
الحلويات فيجب أن يكون هناك ذكاءٌ في اختيار الأنسب
والأكثر قيمةً غذائيةً منها كأطباق الفواكة والمهلبية والكاسترد والجلي،
وتفادي الحلويات التي تحتوي على نسبةٍ عاليةٍ من الدهون، مثل الكنافة ولقمة
القاضي والوربات، التي تحضر بالدهن والقلي ومن ثم تغطى بالقطر (الشيرة).
وللمقارنة، تحتوي الوربة الواحدة في المتوسط على 150 سعرةً حراريةً، بينما
يحتوي طبق المهلبية أو الجلي في المتوسط من 70 إلى 90 سعرةً حراريةً وعلى
كمية سكرٍ أقل أيضاً.
الإفطار الصحي .. وتقدم الدكتورة مريم الحمد خطوات الإفطار الصحي لمريض السكري، وهي:
- فحص نسبة السكر ثم أخذ الحقنة قبل وقت الإفطار بربع ساعةٍ.
- بدء الإفطار بتناول 2 - 3 حباتٍ من التمر مع ماءٍ أو لبنٍ خالي الدسم.
- الراحة من عشر إلى خمس عشرة دقيقةً، وهو الوقت الذي تستغرقه الصلاة.
- البدء بشرب الماء والشوربة المغذية كأول طبقٍ في وجبة الإفطار، حتى يروي المريض جسمه.
- تناول السلطة على حدة، فلا يفضل خلطها مع الأرز، حيث أن تناول السلطة
وما تحتويه من أليافٍ يسبب سرعة الإحساس بالشبع، مما يقلل من تناول
النشويات وبالتالي التحكم في كميتها.
- تناول طبقٍ صغيرٍ من الأرز الأسمر أو ربع رغيفٍ من الخبز الأسمر مع كميةٍ من اللحم.
- تناول نوعٍ من الفاكهة أو الحلويات الخفيفة الصحية كالمهلبية والكاسترد.
أنواع السوائل .. بما أن رمضان هذا الصيف جاء خلال فترةٍ الحر الشديد، فلا بد من تعويض ما
يفقده الجسم خلال النهار من سوائل بالإكثار من شرب الماء والسوائل خلال وقت
الإفطار، سواء خلال الوجبة أو بعدها لتفادي حدوث الجفاف ومضاعفاته.
كما يجب عدم إهمال تناول منتجات الحليب (مثل الروب واللبن والمهلبية) التي تسهم في ترطيب الأمعاء والمعدة.
مشروبات مضرة .. بعض المشروبات الشعبية في رمضان يفضل تفاديها، مثل الفيمتو فهو يعتبر
مشكلةً للكثير من الصائمين، لكون تناوله يرتبط بعادةٍ شعبيةٍ رمضانيةٍ،
فهذا الشراب ذو التركيز العالي من السكر، يحضر بإضافة ماءٍ وسكر أيضاً.
وبالرغم من غناه بالسعرات الحرارية والسكريات، فليس له فائدةٌ صحيةٌ، مما
يفسر تفضيل تفاديه، لكن عند الضرورة يمكن تحضيره بخلطه مع ماءٍ ومن دون
إضافة السكر، والإكتفاء بتناول ربع كوبٍ مثلاً.
حتى لو كانت المشروبات الغازية من النوع الدايت (المحلاة بالمواد
الكيميائية)، والتي لا تحتوي على سكرٍ أو سعرات حرارية، فإنه من الأفضل
تفاديها بسبب عدم فائدتها للجسم.
أهمية وجبة السحور .. قد لا يضر إهمال وجبة السحور الشخص الطبيعي السليم، بيد أنه سيسبب له
زيادةَ الشعور بالعطش والتعب في اليوم التالي. ويعد هذا الأمر مضراً جداً
في حالة المصاب بالسكر، حيث يعرضه لخطر حدوث نوبة الهبوط في اليوم التالي.
وشددت الدكتورة مريم الحمد على ضرورة عدم إهمال تناول وجبة السحور وتأخير
وقتها والتزود خلالها بالمواد الغذائية المفيدة التي تعمل على رفع السكر
بطريقةٍ تدريجيةٍ ولمدةٍ طويلةٍ تستمر خلال الصباح، وبذلك يتفادى المريض
حدوث نوبة هبوط السكر الخطرة على الحياة.
وكقاعدةٍ، اعلمي بأن أي وجبةٍ سريعةٍ تحتوي على خبزٍ أو
بقصماتٍ أو عجينٍ كالهامبرجر والساندويتشات والبيتزا والفطائر، فيها كميةٌ
مرتفعةٌ من الكربوهيدرات والسعرات الحرارية العالية لذا يفضل تفاديها.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن الضرر من تناول وجبات الهامبرجر ينتج عن ارتفاع
محتواها من الأملاح والدهون الضارة والسكريات، مع انخفاض قيمتها الغذائية.
وأخيراً، يجب عدم إهمال الوجبة التي تقع بين وجبتي
الفطور والسحور، وأن تكون عبارةً عن وجبةٍ خفيفةٍ، مثل عصيرٍ أو لبنٍ مع
سلطةٍ وفاكهةٍ أو أطعمةٍ خفيفة أخرى، ومن الضروري تفادي الأطعمة الدهنية
(كالمقليات) والموالح والحلويات، فهي أغذيةٌ تسبب العطش وترفع من نسبة
السكر بشكلٍ كبيرٍ.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]